بعض الناس يتشكون من التشتت والملل في تلاوتها وتكرارها؟ أكيد السبب الأول هو عدم التركيز إثناء تلاوتها، ثم إن ترديد نفس الصلوات هو مدعاة إلى التشتت والملل، وهم على حق في قولهم هذا، إن كانت الصلاة مجرد ألفاظ تتلوها الشفاه، ولا يشترك فيها القلب، ولكن هي صلاة تأملية اكثر من لفظية.
قصة واقعية: ذات يوم تقدمت فتاة شابة الى المطران (فيلتون شين) واعترفت بان تلاوة المسبحة تجلب لها الضجر والملل! فقال لها المطران: أسائلكِ فأجيبيني: هل يحبكِ خطيبكِ؟ اجابته: طبعاً! انه يحبني كثيراً، فقال لها وهل يصرح لكِ بانه يحبكِ؟ فقالت مرات عديدة رددَ على مسامعي انه يحبني! فقال لها ولكن الا يزعجكِ ويضجركِ ان يُردد لكِ دائماً انه يحبكِ؟ فأجابت هذا مستحيل! بل انه يزيدني غبطة وسعادة. فقال لها: اذاً لماذا تقولين بان ترديد صلاة (الوردية) لامكِ مريم تزعجكِ؟
والشيء نفسه يُقال عن كل والدة مع طفلها، فلا هي تشبع من سماعها لكلمة احبك ياماما وفي الوقت عينه لا يتضايق هو من تدليلها وقبلاتها، والسبب في المحبة التي تربط بين قلبيهم! وليس شفتيهم فقط. فالسلام الملائكي هي من اجمل الصلاوات التي ترضي العذراء وتوليها غبطة! اذ تذكرها باسرار حياتها المؤثرة، من افراح والام وامجاد، نكررها على مسامعها بلا انقطاع ولا ملل، مؤكدين محبتنا لها باستمرار. وما دامت هذه اجمل صلاة عند أمنا العذراء، فكيف لا تكون كذلك بالنسبة لنا ان كنا حقيقة ً ابناءٌ لها.
كما ان لاختصار في صلاة الوردية، أمراً غير مرغوباً فيه! ستقولون لماذا؟ لان الصلاة الحقيقية، هي تواصل وكفاح، ان لم أُقل الالحاح في قرع الباب والتوق لان تكون مستجابةً، فمن صممَ على الرغبة في تحقيق شيء طلبه بلا انقطاع، مئة مرة اذا لزم الامر... يقول متى في انجيله: " وذهب يسوع ثانية يصلي ... ورجع الى التلاميذ، فوجدهم نائمين ... فتركهم، وعاد يصلي مرةً ثالثة، ورددَ الكلام نفسه" (متى 26: 42-45).
أما بخصوص تلاوتها اثناء القداس، فهو أمراً غير محبذ، لان الناس ينشغلون بتلاوة مسبحة الوردية، في حين يجري الاحتفال بالافخارستيا، غير مكترثين لحضور يسوع في الذبيحة الالهية، وغير مُهتمين باداء السجود له وبالاختلاء معه والمشاركة مع الكاهن في هذا السر العظيم، وكأنَ ممارستهم التقوية الخاصة هي اهم من ذبيحة المسيح الخلاصية! فالموضع الاول في حياتنا الروحية يجب ان يعطى للمسيح، المخلص الحقيقي والوسيط الاوحد الذي اليه ينبغي ان تنتهي جميع الوساطات الاخرى،
مع كل هذا تبقى صلاة الوردية حاضرة بشكل فعال في صلوات المؤمنين وفي تقواهم، وتبقى مريم العذراء حاضرة ايضاً في حياتهم وفي ظروفهم الصعبة، كما كانت ماثلة في حياة يسوع وحياة الرسل الاوائل. فنسألها ان تنظر الينا دوماً بعين الرافة والحنان وان تقودنا الى ابنها الحبيب يسوع المسيح... أمين. الاب باسل يلدو